عن ربيعة بن عثمان قال: دخل أَعرابي عَلَى رسول الله عليه وأَناخ ناقته بِفنائه، فقال بعض أَصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم للنعيمان الانصاري: لو عقرتّها فأَكلناها فإِنا قد قَرِمنا إِلى اللحم ويغرَم رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم قال: فعقره النعيمان فخرج الأَعرابي فرأَى راحلته فصاح: واعُقراه يا محمد، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: مَن فَعَلَ هذا? فقيل: النُّعيمان فاتبعه يسأَل عنه حتى وجده في دار ضبُاعَة ابنة الزُّبير بن عبد المطلب وقد حفرت خنادق وعليها جريد، فدخل النُّعيمان في بعضها، فمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسأل عنه فأشار إليه رجلٌ ورفع صوته يقول: ما رأَيته يا رسول الله وأشار بأصبعه حيث هو قال: فأَخرجه رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم وقد سقط على وجهه السعف وتغير وجهه فقال: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعتَ? قال: الذين دلُّوك علَّي يا رسول الله هم الذين أَمروني قال: فجعل رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم يمسح وجهه ويضحك قال: ثم غَرِمها رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم للأَعرابي.
قال عبد الله بن مصعب: كان مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري بالمدينة وهو شيخ كبير أعمى، وكان قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة، فقام يوما في المسجد يريد أن يبول فصاح به الناس فأتاه نعيمان ابن عمرو ابن رباعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار فتنحى به ناحية من المسجد ثم قال له: اجلس ها هنا، فأجلسه يبول ثم تركه، فصاح به الناس، فلما فرغ قال: من جآءَ بي إِلى هذا المجلس? قالوا: نعيمان بن عمرو قال: فعل الله به وفعل أَما إِنَّ الله علَّي إِن ظفرت به أَن أَضربه بعصاي هذه ضربةً تبلغ منه ما بلغت، فمكث ما شآء الله حتى نسيى ذلك مخرمة ثم أتاه يوما وعثمان قائم يصلي في ناحية من المسجد، وكان عثمان إذا صلى لا يلتفت فقال له: هل لك في نُعَيمان? فقال: نعم أَين هو? دُلَّني عليه، فأَتى به حتى أوقفه على عثمان فقال: دونك هذا هو، فجمع مخرمة يديه بعصاه فضرب عثمان فشَّجه فقيل له: إِنما ضَربتَ أَمير المؤمنين عثمان قال: فسمعت بذلك بنو زهرة فاجتمعوا في ذلك فقال عثمان: دعوا نُعيمان، لعن الله نُعيمان: وروي أن مخرمة قال: من قادني? قيل نعيمان قال: لا جَرَمَ لا عَرَضتُ له بشّرٍ أَبداً. وقد شهد نعيمان بن عمرو بدراً.